تقديم عام حول المهرجان
ورقة تقديمية لمهرجان فن الملحون
فن الملحون ديوان المغاربة وهو أحد أهم فنون الشعب المغربي بالمعنى الواسع لمفهوم الشعب؛ أي أنه فن كانت تتعاطاه، إبداعا واستهلاكا، كل فئات الشعب المغربي وشرائحه الاجتماعية، وبالتالي فإنه يترجم ذوق وإبداع الجميع:
فقد تعاطى هذا الفن كثير من أبناء الشعب وأرباب الصناعات التقليدية المشتغلين بالخرازة والدرازة والدلالة فضلا عن التجار…
ولكن تعاطاه أيضا وبرع في نظمه عدد من ملوك المغرب، نذكر من بينهم كلا من سيدي محمد بن عبد الله ومولاي عبد الحفيظ….
كما تعاطاه عدد من علماء المغرب ومثقفيه الكبار ندكر منهم عبد العزيز المغراوي (قاضي قضاة فاس في زمانه)، وسيدي عبد الرحمن المجدوب…
وعندما ننظر إلى أدب الملحون نجد فيه تنوعا وغنى يرتفع به أحيانا ليلامس القضايا الأكثر عمقا وسموا، تم ينحدر ليتعرض لتفاصيل الحياة البسيطة للإنسان المغربي على مدى قرون متتالية.
وعندما ننظر إلى فن الملحون على مستوى البناء والأدوات الفنية فإننا نجد فيه من الصور وظلال المعاني ما يجعل شعرائه الكبار لا يقل إبداعهم ورهافة حسهم عن كبار الشعراء في سائر اللغات …ومثل هذا المستوى الفني الراقي نجده عندما نتفحص لغتهم الشعرية وإحساسهم بدلالاتها الرهيفة…
إن هذه الأسباب تجعل مهرجان فاس لطرب الملحون يعمل على طرح هذه القضية من جديد بكل الجدية التي تستحقها، حتى نساهم في التذكير بمناحي رقى هذا الفن الذي أصبح الكثيرون منا يغمطونه حقه؛ إننا نعتقد أن التعريف بالإبداع الراقي لشعرائه الكبار هو تعريف في نفس الوقت بأحد مناحي رقى حضارة المغرب التي ما تزال في حاجة ماسة إلى الدراسة الجادة والمتأنية.