وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس تحتفل بالذكرى ال 25 لتأسيسها
احتفلت وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس، أمس الاثنين، بالذكرى ال 25 لتأسيسها كهيئة أنيطت بها مهمة الحفاظ على التراث المعماري للمدينة العتيقة بفاس، المصنفة من طرف منظمة ( اليونسكو ) ضمن التراث العالمي الإنساني. وتميز هذا الحفل الذي حضره والي جهة فاس ـ بولمان عامل عمالة فاس والعديد من المسؤولين والشخصيات التي ساهمت في مجهود إنقاذ وصيانة وترميم التراث الحضاري والمعماري للمدينة العتيقة بفاس والذي امتد لأكثر من عقدين، إلى جانب مجموعة من المهندسين المعماريين والخبراء والتقنيين في مجالات الصيانة والترميم والتنمية، بتقديم عروض ومداخلات نوهت بالعمل الذي قامت به الوكالة منذ تأسيسها والمحطات والمراحل التي قطعتها في العمل الميداني الذي استهدف بالخصوص تثمين التراث المعماري وترميمه وصيانته . كما شكل هذا اللقاء مناسبة لمناقشة وبحث مختلف المقاربات والاستراتيجيات التي اعتمدتها الوكالة لتنفيذ مشاريعها التي همت إلى جانب ترميم وصيانة النسيج العمراني للمدينة العتيقة، تثمين هذا النسيج والاهتمام أكثر بمجالات التنمية لتشمل مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياحية والثقافية، مع إشراك الساكنة في هذا المجهود وتوسيع وتنويع البرامج وتسريع وتيرتها . ونوه محمد الدردوري والي الجهة، في كلمة بالمناسبة، بالدور والمهام التي تكفلت بها وكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس التي تعتبر أول مؤسسة عمومية في المغرب اهتمت بإنقاذ وحماية النسيج العمراني لمدينة فاس . كما أشاد بما راكمته الوكالة من تجارب وخبرات مهمة في مجال التعامل مع التراث المادي واللامادي للمدينة العتيقة، خاصة في ميدان التقنيات المعتمدة في حماية هذا التراث وترميمه وكذا المقاربات التشاركية التي نهجتها في رد الاعتبار للنسيج العمراني .
وأكد أن الوكالة استطاعت رغم المشاكل والإكراهات التي اعترضت عملها أن تصبح رائدة في مجال التدخل في النسيج العمراني العتيق “الذي هو نسيج هش وحساس بطبعه ويحتاج إلى خبرات وتقنيات عالية”، مشددا على ضرورة تمكين الوكالة من كل الوسائل والآليات الضرورية حتى تواصل مجهوداتها في ميدان حماية الموروث التاريخي والحضاري للمدينة العتيقة بفاس. كما دعا أطر وخبراء وتقنيي الوكالة إلى الاشتغال خلال المرحلة المقبلة على تنمية هذا النسيج التقليدي العتيق وفق مقاربة جديدة ترتكز على صيانة وحماية الوظائف الاجتماعية والاقتصادية والتجارية التي كانت المدينة العتيقة تؤديها والعمل على استعادتها . وخلص السيد الدردوري إلى التأكيد على أن التنمية تظل هي الآلية الأساسية والمحورية التي بإمكانها أن تحافظ على هوية المدينة العتيقة لفاس وتستعيد بالتالي وظائفها حتى تظل المدينة القديمة ” متحفا حيا ” ينبض بالحركية من خلال اعتماد مقاربات للتنشيط الاقتصادي والسياحي تحترم تاريخ هذه المدينة العريقة وتساهم في حماية موروثها الحضاري والمعماري . وبدوره تحدث علال العمراوي، نائب رئيس الجماعة الحضرية لفاس، عن المسار الطويل الذي قطعته وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس في مجال إنقاذ التراث الحضاري والمعماري، مشيرا إلى أن عمل الوكالة انتقل من مفهوم الإنقاذ إلى مفهوم التنمية بشراكة مع كل المعنيين والمتدخلين ومكونات المجتمع المدني، مما جعل منها تجربة تشاركية نموذجية . ونوه بكل الأطر والخبراء والتقنيين الذين يشتغلون على برامج الوكالة التي تروم بالأساس إنقاذ النسيج العتيق من مباني ومآثر وحماية المعالم التاريخية والدور المهددة بالانهيار، مشددا على ضرورة مضاعفة جهود جميع المتدخلين لتمكين الوكالة من مواصلة عملها وفق مقاربات متجددة لإنقاذ النسيج العتيق وتحقيق التنمية الشاملة للمدينة القديمة . وتم خلال هذا اللقاء الذي حضره باحثون ومفكرون ومختصون في مجال صيانة المباني التاريخية، التوقيع على اتفاقية بين وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس والجماعة الحضرية تم بمقتضاها وضع المقر القديم للجماعة رهن إشارة الوكالة.
كما تميز هذا اللقاء بتكريم مجموعة من الأسماء منهم بعض مستخدمي الوكالة وكذا بعض الصناع التقليديين المتخصصين في مجال الصيانة والترميم إضافة إلى بعض ممثلي مكونات وهيئات المجتمع المدني والساكنة الذين انخرطوا في عمل الوكالة وساهموا وفق مقاربة تشاركية في تنفيذ عدة مشاريع لصيانة وترميم بعض الدور الآيلة للسقوط . وفي ختام هذا الحفل، تمت زيارة معرض يؤرخ لمختلف المراحل التي قطعها عمل الوكالة في مجال إنقاذ ورد الاعتبار للنسيج الحضاري والعمراني للمدينة العتيقة بفاس . يشار إلى أن وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس التي تأسست في بداية التسعينيات من القرن الماضي، انطلقت في بداياتها الأولى بمشاريع تمحورت حول المعالم التاريخية وعمليات ترحيل الصناعات الملوثة من قلب المدينة القديمة، قبل أن تدخل المرحلة الثانية التي تميزت بتكريس التعاون مع المؤسسات الدولية والمساهمة في البرامج الوطنية الكبرى . وعرفت هذه المرحلة التي انطلقت بعد سنة 1998 ، انطلاق البرامج التي تم تمويلها من طرف البنك الدولي بحوالي 121 مليون درهم وتمثلت أهم مكوناتها في مشاريع تحسين الولوج للمدينة العتيقة وتنظيم السير عبر تهيئة مداخلها وأزقتها والتطوير الاجتماعي عبر التدخلات الاستعجالية وتنقية الخرب إضافة إلى التنمية السياحية عبر تهيئة المسارات السياحية وبعض المعالم التاريخية . وتوجت هذه المرحلة انطلاقا من سنة 2009 ببرنامج الصناعة التقليدية فاس ـ المدينة الذي خصص له غلاف مالي ناهز 658 مليون درهم، ساهمت فيه هيئة تحدي الألفية بحوالي 365 مليون درهم، في حين بلغت مساهمة الحكومة المغربية حوالي 293 مليون درهم .
وتشكل مرحلة ( 2013 ـ 2017 ) مرحلة الشراكة الوطنية الموسعة من خلال الاتفاقيتين اللتين وقعتها خلال شهر مارس الماضي بكلفة تصل إلى 616 مليون درهم. وتهم الأولى التدخل لإنقاذ المباني المهددة بالانهيار بكلفة تقدر ب 330 مليون درهم، بينما تهدف الاتفاقية الثانية إلى ترميم المعالم التاريخية بكلفة 5 ر 285 مليون درهم